الثلاثاء، 28 مايو 2013

التجربة الفعلية للنشوة الروحية ...

الوعي السامي هو تلك الحالة التي تستطع بها – أثناء اليقظة والنوم وبكامل وعيك –
استحداث أي إحساس في الجسد بالإرادة وبدون أي منبّه خارجي.
في عالم الخيال اللاشعوري (في دنيا الأحلام) تستطيع أن تشرب كوباً من الحليب الساخن، لكن هذا الإختبار يَفرض نفسه عليك فرضاً. في الوعي السامي تستطيع أن تختبر نفس الشيء أو أي شيء آخر بوعي إرادي أو بإرادة واعية.
فما لم يتمكن الشخص من فعل ذلك يجب أن لا يخدع نفسه محتسباً أنه بلغ آفاق الوعي السامي. الطريق قد يبدو طويلاً إنما رحلة ألف ميل تبدأ بخطوة واحدة. وما دام الإنسان متفائلا فلا يمكن لأي عائق أن يحول دون تحقيق الغاية المرجوة.
(فاستبشر اللهَ خيراً وارجُ حظوتهُ لا تيأسنَ من بلوغكَ الهدفا!)
ملايين من الراغبين لا يتخطون مشاهد واختبارات العقل الباطن الذي يظهر عجائبه
أثناء النوم. ولكن في الحالة السامية تستطيع أن تبصر أو تعرف ما تريده، ليس
بالخيال بل بالواقع. باستطاعتي أن أجلس على هذا الكرسي وأحول عقلي إلى أي مكان
وأرى بالضبط ما يحدث في ذلك المكان.
أحياناً يحيا المريدون في الوعي الباطن، وأحياناً يرتفعون إلى الوعي السامي. وهناك
حفنة قليلة من المريدين ممن باستطاعتهم تخطي الوعي السامي وبلوغ الوعي
الكوني : فضاء الروح الإلهي الذي لا منشأ له ولا علة.
في حالة الوعي الروحي النقي لا حاجة للمريد أن يتخيّل الأشياء مسبقاً إنما يختبرها.
فعندما يتوحد بالوعي الكوني يتمدد وعيه ويمتزج في كل ذرة من ذرات الوجود
ويصبح على دراية واعية بكل الكون والكائنات. ذلك الإختبار هو امتدادٌ للوعي لا
انتهاء له. ومن يختبر ذلك الوعي يحس أنه موجود في ألياف الأعشاب وعلى قمم
الجبال، آما يشعر بكل خلية من خلايا جسمه وآل ذرة من ذرات الفضاء.
لكن الوعي الكوني هو ما وراء ذلك أيضاً.
فعندما يستطيع الشخص الشعور بوجوده في آل الوجود..
ويعرف أيضاً الفرح ما وراء الوجود..


يتوحد مع الوعي الإلهي الكلي الوجود.. .




Paramahansa Yogananda

قانون ونظام وتسلسل منطقي ...

إن علة كل الأشياء تكمن في داخل الإنسان وتلك العلة هي الروح. ما يحدث لك أنت سببه. فالمكونات الأساسية لشخصيتك، والأشياء التي تمتلكها أو لا تمتلكها أنت الذي جلبتها لنفسك أو منعتها عن نفسك.
هناك سبب وحيد لكل ما يحدث لك، وذلك السبب هو أنت بذاتك ولا أحد غيرك! هذا قانون عادل، وإن كنت منصفاً ستتقبله وتعترف به.
أنتَ لست على دراية بالطريقة التي بواسطتها تستقطب الكثير من أحداث حياتك. ومع ذلك، وبالرغم من عدم درايتك فأنت المستقطِب الرئيس لكل الطاقات والظروف، سواء في الماضي أو الحاضر.
إن كل ظرف تواجهه أو يواجهك في العالم، وفي الحياة اليومية، يصدر عن حالة عميقة تكمن في داخل كيانك، وذلك الظرف مطابق تمام المطابقة لما تفكر به وتنويه. وهذا ينطبق أيضاً على كل ما تكسبه في الحياة مادياً ومعنوياً، وعلى ما تتمتع به من صحة وطمأنينة.
المال رمزٌ وهو وثيق الصلة بالأمور المادية. كما أن الماديات هي نتاج الأمور الروحية ومتصلة بها اتصالاً مباشراً.
الإنسان بإمكانه بلوغ الروح عن طريق تفكيره العميق ومجهوده الذاتي.
لقد خلق الله الأرض وما عليها، والله يظهر المادة عن طريق الروح. المال يمثل المادة والحاجيات الطبيعية.
القانون الإلهي يجب أن يكون أيضاً قانون الإنسان، لأنه لا يوجد سوى قانون واحد في الكون، وتشغيل ذلك القانون يتم بواسطة الروح الإلهي.
ولتحصيل كل شيء وبلوغ كل الأهداف وتحقيق كل الأماني يجب أن يتوصل المرء إلى الروح. كما يجب أن يوفق أفكاره وأفعاله مع القانون الروحي حتى يتمكن من الحصول على ما يحتاجه في الحياة.
إن علم الماورائيات يتضمن أسباب الأشياء ومسبباتها، ويشمل أيضاً الوسائل الطبيعية والروحية لبلوغ الغاية. كما يحتوي على الطرق الباطنية لعمل العقل وعلى الحرية الروحية. أجل.. يشتمل على كل هذه ولا سيما على العنصر الحيوي لتحقيق غاية الحياة. الماورئيات العصرية تشتمل على نظرية وتطبيق استعمال العقل، وعلى الملكات العليا المستخدمة لبلوغ الأهداف في الحياة اليومية، أي لبلوغ الصحة والسلام والحصول على ضرورات العيش.
لا يوجد فعل دون علة أو مسبب. هناك نقطة انطلاق محددة لكل شيء، لكل ظرف من ظروف الحياة، ولكل حدث وحادث. أجل.. هناك قانون ونظام وتسلسل منطقي لكل جانب من جوانب الحياة البشرية، سواء طبيعياً أو روحياً.
جميع فعاليات الحياة تنتقل من مكان أو ظرف محدد إلى مكان أو ظرف آخر بترابط محكم ودقة متناهية.
المجال لمعرفة القانون مفتوح ومتاح. فالحركة غير المنظورة من السبب إلى النتيجة يمكن تحديدها ومعرفتها إما كقانون طبيعي، أو كروح، أو اهتزاز، أو عقل أو كل هذه مجتمعة معاً. وبالحقيقة تلك هي سلسلة النشاطات التي تربط السبب بالنتيجة. أما القانون الذي يحكمها جميعاً فهو العقل الكوني أو العقل العليم. وهذا الوعي العام يمكن أن يصبح وعي الإنسان عندما يتقبل الإنسان ذلك الوعي كعنصر أساسي لوجوده وجزء لا يتجزأ من كيانه.

nner Culture Magazine
الترجمة: م. ع. م.
I