الاثنين، 17 يونيو 2013

بين الفلسفة والعلم ....

نعرف أن الفلسفة الحديثة تستند إلى معرفة الذات وفقا لفلسفة kant مثلا ...
في حين أن الفلسفة القديمة تتجاوز هذه الحدود بدراسة معمقة ، وفي متناول فهم الجميع تنطلق من معرفة الذات إلى معرفة تراتبية الكون ...
وكما قال لاوتسو : " الفضيلة بالممارسة - وحيث لا ممارسة لا فضيلة " ...
فالمعرفة شيء ، وطريقة استخدامها شيء
طريقة استخدام المعرفة تبقى هي الأهم
هذا المبدأ ...
يتخطى حدود المعرفة
معرفة الذات
ليصبح ثقافة علمية أخلاقية جمالية إلى أبعد الحدود ...
ونحن مهما حاولنا امتلاك الفهم الكامل للقانون الكوني بتركيب جزئياته المتعددة
تما كما النهر الذ لا يمكن تكوينه عن طريق جمع كل القطرات التي تعطيه شكله الظاهري ..
المعرفة البشرية تطرت عبر العصور من مرحلة اللاهوت كما يقول الفلاسفة الشرقيون
إلى الفلسفة الوضعية مرورا بالورائيات - الميتافيزيقا .
حتى لو سلمنا بانتفاء مطلق للإختلافات بين الفلسفات الشرقية والغربية كما يقول أوشو
فإنه يبقى هناك الفرق الكبير  والكبير جدا ...
فالفلسفة والعلم في الشرق يشكلان كلا لا يتجزأ من حيث أن الفلسفة هي الثمرة الوحيدة للعلم ، وهي الملكة المنتظرة
التي ما أن تولد ، ستحكم العالم إلى أبد الآبدين ..
المعرفة الكاملة أتاحت معرفة الجوهر المطلق  ، الذي يتلاشى أمامها الزمان 
والمكان  ..

الأحد، 2 يونيو 2013

ما نجهله عن عالم الجن ...

 لأنه يبن لنا الحقائق وما نجهله عن عالم الجن
هو :
جني مسلم .. أصله من الهند ، من بومباي
من عائلة أسمها كنجور
كان مسيحياً ، ثم عاد فأسلم
وقد تسمى باسم مصطفى بعد أسلامه
يبلغ من العمر 180 عاماً
وكان إسلام الجني مصطفى فتحاً ، فقد أسلم معه كثيرون لإسلامه، منهم عشرة آلاف جني
هم حرسه الخاص وحاشيته ، وهو أمير كبير ، ذو صيت ومهاب
لأنه كان متلبساً بأحد البشر لظروف خاصة ، بقصد حمايته من مجموعة شياطين
فكان الجسد أمام من كان يخاطبه كجسد الإنسان لكن الصوت صوت الجني المسلم (مصطفى) الذي كان مدركاً أن تلبسه بهذا الإنسي غير شرعي
ولكن الضرورات تبيح المحظورات ، وهي قاعدة أسلامية تسري على الجن كما يسري عليه كل ما أتى به الإسلام .
(( كيف هو شكل الجن ؟؟ )) (( هل يمكن رؤية الجن؟؟؟ )) (( وكيف ذلك ... ؟؟؟ )) .. التصور الخاطئ .. قد لا يدرك كثير من الإنس
أن الجن يحزن للتصورات المغلوطة الشائعة عن أشكالهم في عالمنا البشري !
ولما سألت الجني المسلم ( مصطفى ) عن شكل الجان عادة ، أجاب بنفس المعنى السالف . وأضاف : ( إن الأنس يعتقد خطأ في قبح الجن ، وان شكله مرعب ووجهه مفزع وله ذيل طويل كالحيوانات..الخ ) وكل هذا لا أساس له من الصحة ، إنما هو من وهم الأنس !!
قلت له : وقد يكون الجن نفسه مسؤولاً عن هذا الوهم أو ذاك التصور الذي حفر في ذهن البشر قال : كيف !؟
قلت له : بأن يتشكل (شيطان) في صورة مفزعة أو قبيحة لإنسان ما ، بقصد إخافته ، أو لهدف معين .
قال : ربما .. لكن البشر بالغوا على أية حال في تصوراتهم ، وكثيراً ما يكذبون !! ثم أن الشيطان (مسخ) سيئ الشكل .. بعكس الجن المسلم يحسن الله هيئته .
قلت له : إذاً لنصحح الصور والأفكار ، فما شكلك الحقيقي الذي خلقك الله تعالى عليه ؟
قال : فيما يتعلق بملامحنا فأشكالنا التي خلقنا الله عز وجل عليها لا تختلف كثيراً عن شكل الأسنان فيما عدا بعض الفروق والاختلافات . فالرأس عندنا اكبر قليلاً بالنسبة لأجسامنا عن الرأس بالنسبة لأجسامكم ، وعيوننا طولية لا مستعرضة كما هي عندكم ، ومنا من عيونه طولية باستقامة ، ومنا من عيونه طولية بانحراف يسير إلى جهة الجبهة تماماً قريبة الشبة من عيون غالب اليابانيين أو الصينيين لديكم ، مع ملاحظة أن عيوننا ليست ضيقة كبعض عيون البشر إنما في العادة هي كبيرة وسيعة كعيون الغزال ، ولكن بالشكل الطولي

قلت له : شاع أن عيونكم دائماً حمراء ، فهل هذا صحيح ؟؟! قال : ليس دائماً ، فهناك عيون كثيرة ملونة كبني البشر .
وإن كان يفرق سواد العين لدينا ليس كامل الاستدارة كما هو في عيونكم ، ولكنة يميل إلى الشكل البيضاوي ، ولعل الاحمرار الذي اتهمتمونا به في كل عيوننا ناتج عن بعض الإشعاعات الخفيفة التي تومض بها عيوننا ، وهي إشعاعات تميل دائماً إلى اللون الأحمر ، وهي غير مخيفة لمن يعتادها ، بل سيجد فيها وميض الألق والجمال أما الأذنان فهما قريبا الشبه من أذن الحصان
ولذالك فإن المسلم منا إن حدث وتشكل فأحب الأشكال إلية (القط ، الخيل أو الأسد )

إما أنوفنا في وسط وجوهنا تماماً كالأنس ، لا أنها تميل إلى التكور كبعض أنوف الفلبينيين و الفلبينيات . والجني المسلم يربي لحيته تقيداً بهدى النبي – صلى الله عليه وسلم- ومن لا يطلقها نقول على وجهه إن (( وجهه خراب ) ! وشعر الرأس لدينا كثيف جداً وغزير جداً وكذالك طويل جداً جداً في إناث الجن ، وخفيف بالنسيبة للرجال والذين يكثر فيهم الصلع بنسبة كبيرة .
قلت له : فماذا عن أيديكم وأرجلكم ؟ قال : أيدينا كأيديكم إلا أنها تختلف من جهتي طول الذراع وطول الأظافر فأذرعنا طويلة بالنسبة لأجسامنا كذالك أظافرنا طويلة لأن أصابعنا نفسها طويلة .
إما أقدامنا فمفلطحة من جهة وجهة القدم ومدببة الأصابع .
قلت له : ولكم هيكل عظمي وقلب وجهاز تنفسي وجهاز هضمي ؟؟ قال : تماماً مثلكم ، إلا إن هيكلنا العظمي يتمتع بليونة ومرونة لا تتخيلونها وباقي الأجهزة تعتبر ضئيلة بالنسبة لأجسامنا . وجهازنا الهضمي يهضم ما نأكل ، ويخرج الفضلات من منافذنا التي خلقها الله عز وجل كمنافذكم ، وإن كانت فضلاتنا ليست جسماً كثيفاً إنما هي فضلات تكون على هيئة البخار الغليظ الشديد .
أما البول فهو كذالك بخاري شديد التدفق لكنه أخف كثافة لدرجة السيولة كما هو عندكم . ومن ثم هناك (شياطين) تبول في أذن المسلم الذي لا يذكر الله عند نومه ولا يبيت النية لأداء فرض الله . قلت له : هل لكم أعضاء تناسلية ؟ قال : تماماً مثل البشر . لكنه بضآلة بالنسبة للبشر . ومتناسبة بالنسبة لأجسامنا . والرجال منا مثل الرجال منكم .. والإناث منا مثل الإناث منكم ..
في جميع النواحي . قلت له : لنعود للرأس .. قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( إن الشمس تطلع بين قرني شيطان وتغرب بين قرني شيطان ) .. فهل للشيطان أو الجن عموماً قرنان على الحقيقة ؟ قال : هذا كلام محمد – صلى الله علية وسلم - ، وهو يقول الحقيقة .
فلكل جن قرنان ولكن قرنان ضئيلا الحجم حتى بالنسبة لجسم جن الشيطان . قلت له : تعني إن لك قرنين ؟؟ قال : نعم .. نعم .. ولكن صغيران جداً وليسا طويلين . قلت له : فهل قرنا إبليس صغيران .. أم كبيران ؟ قال : بل كبيرات . يتناسبان مع حجمه . فهو قديم قدم البشرية الأولى ، إما نحن فضعاف الأجسام . قلت : فماذا عن ألوانكم ؟ قال : مختلفة مثلكم ولكن الغالبية منا سوداء البشرة . قلت : تلبسون ثياباً ؟
قال : نعم .. نعم .. ثياب مختلفة ورائعة ، والإناث من الجن المسلمات محتشمة منقبة أو محجبة مثلكم تماماً .
والرجال أغلبهم يميل إلى لبس العباءات ويحبون اللون الأحمر ثم الأزرق ومن قبلها الأسود .
قلت له : وبالنسبة للسانك ؟؟ قال : انه لسان عادي حقيقي ولكنه صغير جداُ يتناسب مع ضآلة أجسامنا .. وبالإيجاز لنا أجهزة مثلكم .. كل شي .. كل شي !!
قلت : ولكم أسنان ؟؟
قال : نعم ولكنها بالنسبة لأجسامنا تعتبر طويلة أو كبيرة نوعاً ما . قلت له : ومع هذا لا نراكم ؟؟ !!
قال : طبيعي .. لأن الجسم بأصلة الناري الهوائي شفاف ، وإن كان يمكن رؤيتنا في حالات معينه .
قلت له : وما هي ؟؟
قال : حالة تشكلنا بشكل مجسم مادي . أو حالة شرب ماء السحر ، أو إرادة الجني ذلك وفي ظروف و أحوال لا بد من توفرها .
قلت له : فماذا تلبسون في أقدامكم ؟! هل تسيرون حفاة أم تلبسون أحذية أو نعالاً ؟
قال : نعم .. نعم نلبس نعالاً مصنوع من ورق البردي ولكن هناك فرق بين الجن المسلم والشياطين . الجني المسلم يلبس نعالين ،
أما الشيطان فيلبس نعالاً واحده في رجله اليسرى ويترك اليمنى بلا نعال .
قلت له : ورق البردي ، هذا العادي ، الذي كان الفراعنة يكتبون علية ؟ قال : نعم انه هو .. ولكن ارتداءنا له يجعله خاضعاً لنفس خصائصنا فلا يراه أحد .


إن ليلة العرس عند الجن مثلها عند الإنس، يخلو الرجل بأنثى الجن التي يتزوجها ، والشرف عند الجن له أهمية عظمى تزيد قدرا عن عالم الإنس، وحجم معاناة الجنية الحامل يفوق حجم معاناة الإنسية الحامل ، لأن مدة حمل الجنية خمسة عشر شهرا، والبطن الواحد للجنية يتراوح عدد الأولاد فيه من سبعة إلى تسعة، وأحيانا تضع الجنية إثنا عشر ولد بين ذكر وأنثى، وترضع أولادها كما يفعل إناث الإنس مع فارق أن مدة رضاعة طفل الجن تستغرق عمر إنسان من الإنس، بعد ذلك يكبر الطفل ويتعلم ويدخل المدارس والجامعات، لكن بوسائل أرقى ، ومعلومات مختلفة، وهناك من يتعلم الطب والهندسة والآداب والصحافة.

الخميس، 30 مايو 2013

أربع طرق دينية جوهرية

المعلم برمهنسا يوغانندا

 إن ارتباط الذات الروحية بالجسد والعقل هو السبب الأساسي لكل آلامنا وقيودنا وتقييداتنا وتقصيرنا وقصوراتنا.  وبسبب هذا الارتباط نشعر بالإثارة كالألم واللذة لدرجة لا يمكننا معها الإحساس بالغبطة أو الوعي الإلهي.  فالدين في جوهره يشتمل على التلافي الدائم للألم وبلوغ الغبطة النقية أو الله.
وكما أن صورة الشمس الفعلية لا يمكن رؤيتها واضحة في سطح الماء المرتج، هكذا الطبيعة الحقيقية المغبوطة للنفس الروحية (انعكاس الروح الكلي) لا يمكن فهمها وإدراك كنهها بفعل أمواج الاضطراب والقلق الصادرة عن تماهي النفس مع حالات الجسد والعقل المتقلبة المتغيّرة.  فكما أن الماء المخضوض يشوّه صورة الشمس الحقيقية، هكذا يشوّه الفكر المضطرب طبيعة النفس الباطنية دائمة الغبطة بفعل ذلك التماهي أو الارتباط.
الغرض من هذا الفصل هو بحث أسهل وأصوب وأنجع الطرق التي يمكن للجميع ممارستها، والتي من شأنها تحرير الذات الروحية دائمة الغبطة من ارتباطها الأليم بالعقل والجسد، وبالتالي تجنيبها الدائم  للألم والمعاناة والارتقاء بها إلى الغبطة الروحية التي هي لب الدين.
تقول كتب الحكمة الشرقية:
"إن استطعت أن تسمو على الجسد وأن تدرك أنك روح، لامتلكت الغبطة الأبدية، ولتحررت من كل ألم."
 هناك أربع طرق دينية جوهرية عالمية تساعد ممارستها اليومية على تحرير الذات الروحية من قيود الجسد والعقل. وهذه الطرق الأربع تشمل كل الممارسات الدينية المعقولة والتي علـّمها أو أوصى بها الأنبياء والقديسون والحكماء المستنيرون.
الممارسات الدينية هي ما أقرّها الأنبياء ولقـّنوها في صورة مذاهب متعددة.  ذوو البصائر المحدودة يقصرون عن فهم الأهمية الفعلية لهذه المذاهب فيتقبلون معانيها الظاهرية وتدريجياً يهبطون إلى مستوى الطقوس والشعائر والأشكال والعادات والتقاليد والممارسات الصارمة. وهذا هو مصدر التعصب للأحزاب والطوائف.
يجب أن ندرك أننا لم نـُُخلـَق للأحكام والقوانين ولكنها وُجدت من أجلنا، فهي تتغير بتغيّرنا وتتطور بتطورنا، ومن واجبنا التمسك بجوهر القاعدة لا بمظهرها الخارجي بجهل وتعصّب.
العادات وصنوف العبادات تختلف باختلاف المذاهب، لكن الجوهر النقي لمذاهب الأنبياء المختلفة هو واحد في صميمه، غير أن معظم الناس لا يفقهون ذلك!
كبار المفكرين يحاولون التعرف على الحق الأسمى باستخدام قواهم العقلية فيخفقون في مسعاهم لأن الحقيقة العظمى لا يمكن إدراكها عن طريق المعرفة العقلية وحسب.
المعرفة تختلف عن الفهم المجرد.  فمن غير المعقول أن نفهم بالعقل حلاوة العسل إن لم نكن قد تذوقنا العسل من قبل. وبالمثل فإن المعرفة الدينية تبزغ من أعماق تجربة النفس البشرية. هذا ما نفعله غالبا عندما نحاول فهم الله والمذاهب الدينية والأخلاقية، إذ نادراً ما نسعى لمعرفة هذه الأمور عن طريق التجربة الروحية الباطنية.
ومن المؤسف أن ذوي القوى العقلية القادرين على استخدام عقولهم للكشف عن حقائق العلوم الطبيعية وحقول المعارف الأخرى يظنون أن باستطاعتهم أن يدركوا بالعقل الحسي أسمى الحقائق الدينية والأخلاقية. لكن وللأسف فإن عقول هؤلاء وقواهم المفكرة بدلاً من أن تكون عوناً لهم غالباً ما تعمل كحواجز تصدّهم وتحول دون تعرفهم على جوهر الحقيقة.
والآن دعنا نلاحظ الطرق الدينية الأربع التي تميّز النمو الروحي:
أولاً: الطريقة العقلية - وهي الطريقة الطبيعية الشائعة لكنها غير فعّالة من حيث الإدراك السريع للغاية. إن التطوّر والنمو العقلي هما أمران طبيعيان ومشتركان لكل الكائنات المدرِكة.  إن وعينا بالذات هو ما يميّزنا عن الحيوانات الدنيا التي تتمتع بدرجات متفاوتة من الوعي ولكن ليس وعياً بالذات.
وفي مراحل وعمليات النشوء والارتقاء نجد أن هذا الوعي يصبح تدريجياً وعياً بالذات. فمن الوعي الحيواني يبزغ الإحساس بالذات، وتدريجيا يحاول الوعي تحرير ذاته ومعرفة ذاته بذاته. وهكذا ينتقل إلى الوعي بالذات؛ وهذا الانتقال مردّه سنـّّة النشوء والتطور.  فالنفس البشرية المرتبطة بالعديد من الحالات الجسدية والعقلية تحاول تدريجياً وبكيفية طبيعية الرجوع إلى ذاتها عن طريق ذاتها.
وتنمية عملية التفكير الواعي هي إحدى الطرق التي تختارها الذات الروحية كي ترتقي بذاتها وتتحرر من القيود الجسدية والروابط العقلية.  ومجهود الذات الروحية في الرجوع إلى ذاتها عن طريق تنمية الفكر والتفكير هو أمر طبيعي. تلك هي طريقة العالم.
الروح الكلي يعرب عن ذاته في مراحل مختلفة من النمو:  من الأدنى إلى الأعلى. في الحجر والتراب لا يوجد وعي أو حياة بالكيفية التي ندركها، أما في الأشجار فهناك نمو نباتي، أي اقتراب من الحياة. ومع ذلك لا توجد حياة طليقة غير معوّقة أو عملية تفكير واعية على الإطلاق. في الحيوانات توجد حياة ويوجد وعي بالحياة.  أما في الإنسان – الذروة – فتوجد حياة مع وعي بها، إضافة إلى وعي ذاتي داخل النفس.  لذلك من الطبيعي للإنسان أن يطوّر ذاته عن طريق التفكير والتحليل والتأمل من خلال الدراسة المعمقة للكتب، وعن طريق  البحث والتنقيب والتمحيص والتجريب ومحاولة الوصول إلى أصل العلل والمعلولات في العالم الطبيعي.
وكلما تعمّق الإنسان في تفكيره كلما كان مستخدِماً للطريقة التي بواسطتها بلغ مستواه الحالي في عملية الإرتقاء الكوني، وكلما اقترب من الروح الأعظم.
وبما أننا نرتقي بواسطة العقل إلى ما فوق الجسد ومتطلباته، فإن التطبيق الصحيح والإرادي لهذه الطريقة العقلية سيجلب نتائجَ محددة وأكيدة. إن تدريب العقل عن طريق الدراسة الجادة المتمعنة بغية تحصيل المعرفة في حقل ما يساعد على تحسين الوعي بالذات بعض الشيء لكنه ليس – من حيث الأهمية – بمستوى عملية التفكير الهادفة إلى تخطـّي الجسد ومعاينة الحقيقة.
في الهند تدعى الطريقة العقلية في أسمى صورها (جنانا يوغا) أي بلوغ الحكمة الحقيقية عن طريق التذكـّّر والتمييز؛ كأن يذكـّر الإنسان نفسه على الدوام: "أنا لست الجسد ولا يمكن لصور الوجود الأرضي العابر أن تؤثـّّر بي. أنا روح."
ولكن من عيوب هذه الطريقة أنها عملية بطيئة لإدراك الذات الروحية ذاتها، وقد تتطلب زمناً طويلاً.  ففي حين تشرع الذات الروحية بإدراك الوعي الذاتي تبقى مع ذلك منشغلة بسلسلة من الأفكار العقلية العابرة التي لا يربطها بها رابط. أما سكينة الروح فتفوق العقل وتسمو على الإحساسات الجسدية، مع أنها – عند إدراكها - تغمر تلك الإحساسات وتتخللها.
ثانيا: الطريقة التعبدية -   وتشتمل على محاولة تركيز ذهننا على فكرة واحدة بدلاً من تركيزه على مجموعة من الأفكار المتنوعة وعلى أمور مختلفة (كما في الطريقة العقلية.)
الطريقة التعبدية تتضمن كل أشكال العبادة كالصلاة (التي يجب تحريرها من كل الأفكار الدنيوية). في هذه الطريقة يجب أن تحصر الذات الروحية ذهنها بعمق وخشوع على ما تختار التركيز عليه: سواء على فكرة محددة للإلوهية أو على الوجود الكلي المطلق.
النقطة الأساسية هي أن يركـّّز المريد عقله على فكرة تعبدية واحدة بهمة وحماس كبيرين.  وبهذه العملية تتحرر الذات الروحية تدريجياً من التشويشات الفكرية العديدة وتمتلك الوقت والفرصة اللازمين للتفكير الذاتي بجوهرها.  فعندما نصلـّي بإخلاص تام من صميم قلوبنا ننسى كل الإحساسات الجسدية ونـُُقصي جانباً كل الأفكار المتطفلة التي تحاول أن تستقطب تفكيرنا وتشغل بالنا.
وكلما كانت صلواتنا عميقة كلما كان رضاؤنا كبيرا. وهذا يصبح المقياس الذي به نقيس مدى ومقدار تقرّبنا من الله الذي هو الغبطة العظمى. وإذ ندع الإحساسات الجسدية جانبا ونضبط الأفكار المشتتة الناشزة يتضح لنا سمو هذه الطريقة على سابقتها.
ومع ذلك فلهذه الطريقة قصور وصعوبات نابعة من تعلق الذات الروحية الطويل والمتواصل بالجسد وعبوديتها له، وهي تحاول دون جدوى إبعاد ذهنها عن مجال الإحساسات الجسدية والعقلية.
وبالرغم من رغبة الإنسان الصادقة في الصلاة أو الاستغراق التام في إحدى صور العبادة، يبقى ذهنه عرضة لغارات الأحاسيس البدنية الجامحة والأفكار العابرة التي تقوم الذاكرة بعرضها واستعراضها. في الصلاة غالبا ما نكون مهتمين جداً بتهيئة الظروف الملائمة للصلاة أو متحمسين كل الحماس للتخلص من المضايقات الجسدية. وبالرغم من كل مجهوداتنا الواعية فإن عاداتنا غير السليمة التي أصبحت طبيعة ثانية بالنسبة لنا تتسلط على أماني الروح وتقيّد ملكاتها.  وبالرغم من رغبتنا الصادقة يظل العقل مضطرباً مشوشاً بحيث يصدق عليه القول "حيثما يكون فكرك فهناك يكون قلبك أيضا."  لقد طـُلب منا أن نصلـّي لله من كل قلوبنا، ولكننا نبتهل عادة وقلوبنا تتقاذفها عواصف الأفكار والانطباعات الحسية.
ثالثا: الطريقة التأملية – هذه الطريقة والطريقة التالية لها هما طريقتان عمليتان بحتاً وتحتويان على أسلوب تطبيقي من التدريب، ويوصي بممارستهما عظماء الحكماء الذين تعرفوا على الحقيقة في حياتهم. وأنا شخصياً قد تعلمت هاتين الطريقتين من أحد هؤلاء الأقطاب الروحيين العظام.
وبممارسة طريقة التأمل حتى تصبح عادة راسخة نستطيع أن نجلب لأنفسنا حالة من النوم الواعي. هذه الحالة الساكنة والممتعة غالبا ما نختبرها عندما نكون مستغرقين في نوم عميق ونقترب من اللاوعي، أو عند الاستيقاظ منها والاقتراب من حالة الوعي.
في هذه الحالة من النوم الواعي نتحرر من كل الأفكار والإحساسات الجسدية الخارجية ويتسنى للنفس التفكير بذاتها والاقتراب من الحالة السعيدة بين الفينة والأخرى، طبقاً لعمق التأمل ووتيرة الممارسة.
في هذه الحالة نكون غافلين عن الاضطرابات الجسدية والعقلية – التي تشغل الذهن - ومتحررين منها. وبعملية التأمل هذه يتم التحكم بالأعضاء الخارجية والحسية عن طريق تهدئة الأعصاب الإرادية كما في حالة النوم.
الحالة التأملية هذه هي الأولى وليست الأخيرة للتأمل الفعلي. في (النوم الواعي) نتعلم ضبط الأعضاء الحسية الخارجية فقط. والفارق الوحيد هو أنه في النوم العادي يتم ضبط الأعضاء الحسية تلقائياً، بينما في التأمل يتم ضبط الأعضاء الحسية بالفعل الإرادي. ومع ذلك تبقى الذات الروحية في مرحلة التأمل الأولى عرضةً للتشويش من أعضاء الجسد الداخلية اللاإرادية كالرئتين والقلب وأعضاء أخرى نظن خطأً أنه لا يمكن التحكـّم بها.
لذلك ينبغي لنا البحث عن طريقة أفضل من هذه، لأنه ما لم تتمكن الذات الروحية من تعطيل الإحساسات الجسدية بالإرادة، وكذلك الأحاسيس الداخلية التي تسمح بظهور الأفكار، فإنها تبقى عرضة لهذه التشويشات دون الأمل في السيطرة عليها وقمعها، أو امتلاك الفرصة لمعرفة ذاتها.
رابعا: طريقة اليوغا العلمية – قال القديس بولس "أموت كل يوم". وقد عنى بذلك أنه عرف طريقة تمكـّنه من ضبط أعضائه الداخلية وتحرير ذاته الروحية بالإرادة من الجسد والعقل معاً. مثل هذا التجربة يمرّ ويشعر بها الأشخاص العاديون غير المدرّبين في حالة الموت الأخير، عندما تتحرر الذات الروحية من الجسد البالي.
وبالتدريب الصحيح وممارسة طريقة عملية ومنتظمة يتسنى للممارس الشعور بانفصال الذات الروحية عن الجسد دون أن يختبر الموت الأخير.
وسوف أعرض هنا فكرة عامة عن الطريقة وعن النظرية العلمية الصحيحة التي ترتكز عليها. ما أعرضه هو من تجربتي الشخصية ويمكن القول أنها ذات صحة عالمية.  ويمكنني القول والتأكيد أيضاً أن الغبطة التي هي غايتنا القصوى – حسبما أوضحت – تظهر بدرجة كبيرة في ممارسة هذه الطريقة. وبالفعل الممارسة بحد ذاتها هي ممتعة للغاية. وأستطيع أن أؤكد بأنها أبهج بما لا يقاس من أعظم متعة حسية يمكن تحصيلها عن طريق الحواس الخمس أو العقل. ولا أرغب في إعطاء أي برهان عن صحة هذه الطريقة سوى ما سيحصل عليه الشخص الذي يمارسها. وكلما مارسها الراغب المريد بأناة وانتظام كلما شعر أنه أصبح أكثر رسوخاً في وعي الغبطة.
ونظراً لعناد وتأصّل العادات السيئة فإن الوعي الجسدي يتيقظ من حين إلى آخر ويهاجم بكل تذكاراته الحسية حالة السكينة تلك. ولكن مع الممارسة المنتظمة ولفترات طويلة فبالإمكان أن نضمن لممارسها بأنه سيأتي الوقت الذي به يجد نفسه في حالة من الغبطة الروحية السامية. ولكن يجب أن لا نحاول تصوّر النتائج التي تفضي إليها الطريقة ومن ثم نتوقف عن الممارسة بعد امتحان صغير. النجاح الحقيقي والتقدم الأكيد يلزمهما مراعاة النقاط التالية التي تمس لها الضرورة.
أولاً:  الانتباه الدقيق للموضوع المرغوب تعلـّمه.
ثانياً:  الرغبة الصادقة في التعلـّّم مع روح استطلاع وقـّّادة.
ثالثاً:  المثابرة حتى بلوغ الغاية المرجوّة.
إذا سرنا حتى منتصف الطريق وأهملنا الطريقة بعد ممارسة بسيطة فلن نحصل على النتيجة التي نتوقعها.
من المؤسف جداً أن الناس يصرفون معظم أوقاتهم في تحصيل الحاجيات المادية أو الانهماك في التنظيرات والحوارات العقلية ولكن نادراً ما يحاولون أن يعرفوا ويختبروا بأنفسهم  الحقائق الروحية التي تنعش وتنشط الحياة، بل وتعطي لها معنىً. فالمشاغل والأمور غير الجوهرية والرغبات المحمومة تشغل أذهانهم أكثر من الجهود الموجّهة توجيهاً سليماً في هذا المجال.
منذ سنين عديدة وأنا أمارس الطريقة المتقدّم ذكرها، وفي كل مرة أمارسها أشعر بفرح عظيم  أو حالة من الغبطة الدائمة التي لا يتضاءل زخمها ولا يتوقف سيلها.
يجب أن نضع نصب أعينا أن النفس الروحية هي أسيرة الجسد منذ دهور عديدة وأحقاب مديدة، وقد لا تتحرر في يوم واحد، ولا يمكن للممارسة القصيرة المتقطعة أن تمنح الممارس تلك الغبطة الروحية السامية أو تضمن له السيطرة على الأعضاء الداخلية.  ذلك يستلزم ممارسة جادة ومتأنية لوقت طويل.
ومع ذلك فإن التطبيق الدقيق لهذه الأساليب كفيل باستجلاب الإحساس بالغبطة النقية. وعلى قدر الممارسة يكون الاقتراب من الغبطة. هذه الحالة ليست من خلق أو اختراع أي إنسان، فهي موجودة بذاتها وما علينا سوى الكشف عنها في أعماقنا.


                                                                                                                           ترجمة  : م .ع .م .


الثلاثاء، 28 مايو 2013

التجربة الفعلية للنشوة الروحية ...

الوعي السامي هو تلك الحالة التي تستطع بها – أثناء اليقظة والنوم وبكامل وعيك –
استحداث أي إحساس في الجسد بالإرادة وبدون أي منبّه خارجي.
في عالم الخيال اللاشعوري (في دنيا الأحلام) تستطيع أن تشرب كوباً من الحليب الساخن، لكن هذا الإختبار يَفرض نفسه عليك فرضاً. في الوعي السامي تستطيع أن تختبر نفس الشيء أو أي شيء آخر بوعي إرادي أو بإرادة واعية.
فما لم يتمكن الشخص من فعل ذلك يجب أن لا يخدع نفسه محتسباً أنه بلغ آفاق الوعي السامي. الطريق قد يبدو طويلاً إنما رحلة ألف ميل تبدأ بخطوة واحدة. وما دام الإنسان متفائلا فلا يمكن لأي عائق أن يحول دون تحقيق الغاية المرجوة.
(فاستبشر اللهَ خيراً وارجُ حظوتهُ لا تيأسنَ من بلوغكَ الهدفا!)
ملايين من الراغبين لا يتخطون مشاهد واختبارات العقل الباطن الذي يظهر عجائبه
أثناء النوم. ولكن في الحالة السامية تستطيع أن تبصر أو تعرف ما تريده، ليس
بالخيال بل بالواقع. باستطاعتي أن أجلس على هذا الكرسي وأحول عقلي إلى أي مكان
وأرى بالضبط ما يحدث في ذلك المكان.
أحياناً يحيا المريدون في الوعي الباطن، وأحياناً يرتفعون إلى الوعي السامي. وهناك
حفنة قليلة من المريدين ممن باستطاعتهم تخطي الوعي السامي وبلوغ الوعي
الكوني : فضاء الروح الإلهي الذي لا منشأ له ولا علة.
في حالة الوعي الروحي النقي لا حاجة للمريد أن يتخيّل الأشياء مسبقاً إنما يختبرها.
فعندما يتوحد بالوعي الكوني يتمدد وعيه ويمتزج في كل ذرة من ذرات الوجود
ويصبح على دراية واعية بكل الكون والكائنات. ذلك الإختبار هو امتدادٌ للوعي لا
انتهاء له. ومن يختبر ذلك الوعي يحس أنه موجود في ألياف الأعشاب وعلى قمم
الجبال، آما يشعر بكل خلية من خلايا جسمه وآل ذرة من ذرات الفضاء.
لكن الوعي الكوني هو ما وراء ذلك أيضاً.
فعندما يستطيع الشخص الشعور بوجوده في آل الوجود..
ويعرف أيضاً الفرح ما وراء الوجود..


يتوحد مع الوعي الإلهي الكلي الوجود.. .




Paramahansa Yogananda

قانون ونظام وتسلسل منطقي ...

إن علة كل الأشياء تكمن في داخل الإنسان وتلك العلة هي الروح. ما يحدث لك أنت سببه. فالمكونات الأساسية لشخصيتك، والأشياء التي تمتلكها أو لا تمتلكها أنت الذي جلبتها لنفسك أو منعتها عن نفسك.
هناك سبب وحيد لكل ما يحدث لك، وذلك السبب هو أنت بذاتك ولا أحد غيرك! هذا قانون عادل، وإن كنت منصفاً ستتقبله وتعترف به.
أنتَ لست على دراية بالطريقة التي بواسطتها تستقطب الكثير من أحداث حياتك. ومع ذلك، وبالرغم من عدم درايتك فأنت المستقطِب الرئيس لكل الطاقات والظروف، سواء في الماضي أو الحاضر.
إن كل ظرف تواجهه أو يواجهك في العالم، وفي الحياة اليومية، يصدر عن حالة عميقة تكمن في داخل كيانك، وذلك الظرف مطابق تمام المطابقة لما تفكر به وتنويه. وهذا ينطبق أيضاً على كل ما تكسبه في الحياة مادياً ومعنوياً، وعلى ما تتمتع به من صحة وطمأنينة.
المال رمزٌ وهو وثيق الصلة بالأمور المادية. كما أن الماديات هي نتاج الأمور الروحية ومتصلة بها اتصالاً مباشراً.
الإنسان بإمكانه بلوغ الروح عن طريق تفكيره العميق ومجهوده الذاتي.
لقد خلق الله الأرض وما عليها، والله يظهر المادة عن طريق الروح. المال يمثل المادة والحاجيات الطبيعية.
القانون الإلهي يجب أن يكون أيضاً قانون الإنسان، لأنه لا يوجد سوى قانون واحد في الكون، وتشغيل ذلك القانون يتم بواسطة الروح الإلهي.
ولتحصيل كل شيء وبلوغ كل الأهداف وتحقيق كل الأماني يجب أن يتوصل المرء إلى الروح. كما يجب أن يوفق أفكاره وأفعاله مع القانون الروحي حتى يتمكن من الحصول على ما يحتاجه في الحياة.
إن علم الماورائيات يتضمن أسباب الأشياء ومسبباتها، ويشمل أيضاً الوسائل الطبيعية والروحية لبلوغ الغاية. كما يحتوي على الطرق الباطنية لعمل العقل وعلى الحرية الروحية. أجل.. يشتمل على كل هذه ولا سيما على العنصر الحيوي لتحقيق غاية الحياة. الماورئيات العصرية تشتمل على نظرية وتطبيق استعمال العقل، وعلى الملكات العليا المستخدمة لبلوغ الأهداف في الحياة اليومية، أي لبلوغ الصحة والسلام والحصول على ضرورات العيش.
لا يوجد فعل دون علة أو مسبب. هناك نقطة انطلاق محددة لكل شيء، لكل ظرف من ظروف الحياة، ولكل حدث وحادث. أجل.. هناك قانون ونظام وتسلسل منطقي لكل جانب من جوانب الحياة البشرية، سواء طبيعياً أو روحياً.
جميع فعاليات الحياة تنتقل من مكان أو ظرف محدد إلى مكان أو ظرف آخر بترابط محكم ودقة متناهية.
المجال لمعرفة القانون مفتوح ومتاح. فالحركة غير المنظورة من السبب إلى النتيجة يمكن تحديدها ومعرفتها إما كقانون طبيعي، أو كروح، أو اهتزاز، أو عقل أو كل هذه مجتمعة معاً. وبالحقيقة تلك هي سلسلة النشاطات التي تربط السبب بالنتيجة. أما القانون الذي يحكمها جميعاً فهو العقل الكوني أو العقل العليم. وهذا الوعي العام يمكن أن يصبح وعي الإنسان عندما يتقبل الإنسان ذلك الوعي كعنصر أساسي لوجوده وجزء لا يتجزأ من كيانه.

nner Culture Magazine
الترجمة: م. ع. م.
I